...و...رواية رحلة بلا حدود يؤلفها الفقير إلى الله من مصر كامل حسانين...و...
في الماضي كنت وقد كانت كبدر دجى
ولما التقيتها عند ربا المنى حنت
تشدو هنالك في رفق وقد مالت
و مال قلبها من شوق وقد غنت
تريح نفسها من وعثاء ما السفر
أتى عليها و كم في دربه أنت
فدنوت منها وقد مالت غصون هوى
يتمنى قلبي ما يخفيه و تمنت
و شرعنا نعدو في الوادي الرحيب و ما
قد ظن قلبي إلا مثل ما ظنت
أما السفينة في حضن المياه غدت
كشراع أمل في الدارين و أقلت
الكائنات وقد حطت على متن
لها و أبدت في شاطيها ما أبدت
من كل زوج قد بان الجمال هنا
و صنوف خيل على شكم الرحى عضت
هذي الحبيبة كم هجرت فذبت أنا
و مضجع الروح كم آذته و أقضت
و يبدو وصل في شرع الغرام أتى
و حيث نزل الود بقلبي قد نزلت
ها قد نزلنا على متن السفين نرى
و بدت الليالي و الأحلام ما ضنت
و الشمس تشرق و الأيام يبدو بها
طير و زهر و فرحة عمرنا عمت
و العاتيات من الريح استفاق بها
غدر المنية حيث أتتنا فتولت
أفراح حلم ما دامت سويعات
تبدو غيوم في الأجواء قد هلت
لكن آلة أزمان تطوف بنا
تحنو علينا في خطر و قد خلت
و ضغط زرا في لمح فسار بنا
قبطان دهرا فزال الكرب و تجلت
لنا عيون من نهر نهيم به
و قلوب عشق قد هديت فما ضلت
بلا حدود أسامرها أحاكيها
في القلب مكثت وفي الأعطاف قد ظلت
في النبض رحلة أحلام تطوف بنا
شرقا و غربا وفي الدارين قد بقيت
في القبر معنا وفي واد بذي زرع
في قفر حال وفي الظلمات قد برقت
تعال عمري فقد طال الحنين و ما
وجدت ذاتي إلا دمعتي استرقت
من بعض غيث و حنين بنهر هدى
قطرات عذب و ملك النفس ما سرقت
و مني تدنو يا فرحي لقيت أنا
أفراح عمري و عين مهجتي بصرت
طرف المليحة فلا حلما أريد إذن
أن يضحى ملكي فعني دمعتي غربت
و مضينا نسبح في البحر البهيج ترى
أخذتنا سنة في أمواجه سكنت
فخلدنا فيها إلى نوم يروق لنا
حلم المقام و روض ساحه عبقت
منه الزهور و عصفور على فنن
بالشوق غرد و كل طيورنا عشقت
بستان أمل كم يبدو و تبدو به
أعراش عنب منها فرحة جمعت
فتيات حسن من عذب الثمار بها
عنبا و تمرا و التفاح قد قطفت
أما السفينة من شوق لمن فيها
رست هنالك و كل قلاعها أرست
كأن أنها من عذب القطوف لها
قد حيز ملك من آياتها ورثت
حتى استرحنا في ظل الرياض غدا
و اليوم أيضا و نوق الملتقى بركت
و الشمس تطلع من حسن وكل منى
أتى تحقق فشمس حلمنا سطعت
كل القيود لكم زالت و راق لنا
العيش بعدها لما قيودنا كسرت
إني أناجي من هام الفؤاد بها
طيف الغرام فهل محبوبتي حنت
الآن تبدو فرحة عمري قد بانت
و أحلام بيد بعد غيثها اكتملت
جل الصعاب إذا جاء الجميل هنا
وحل ضيفا في أيامنا زلت
هزم الصعاب فأرداها و زال بها
حزن و وجل إن صعابنا ملت
و تولى وجل عن قلب يهيم بها
موازين شر كانت للعدا اختلت
و الحوت بان على صفح المياه بها
فتبدو صفحة أنهار الورى احتلت
صديق عقلة قد يبدو كما الكون
حوت تجلى للأيام و تجلت
يشتاق عقلة أن يصعد على متن
للحوت باد وكل زروعنا ابتلت
وبه يغوص بأعماق لدى نهر
و بالمحيط و ما من دونه كلت
مساعي قوم قد هاموا برحلته
إن الإرادة دون قوة أنت
حوراء آه في عمق السنا معنا
في شرع أمل من أحكامها سنت
أشتاق وصلها لكن الزمان مضى
و عجيب حقب بعد زماننا حلت
و دنوت منها أقبلها وقد مالت
أفنان شجر حين هجرتها شلت
ولما سقيتها دمع العين تختال
ولما رويتها من أنهارنا أضحت
هيفاء قدها كالغصن الرطيب هو
دعجاء داعب مقلتها فما صدت
حبيب عمر يشتاق اللقاء كما
زرع يداعب أمواجا له قربت
حتى دلفنا في كهف الغيوم وما
في جانبيه من أضواء قد ضوت
فبان نورها في ظلم به ينسي
كل الآلام و حسناء به شفقت
على حبيب مر الدهر لما بدى
و كر الزمن وهي بحبه شغفت
و ظهر الحوت في صفح المياه أتى
من الأعماق وكل مسيئة هربت
وولى العاص من ذنب يحيق به
وتاب المذنب المستاء و اخضرت
ربوع الوادي واشتاق الربيع لنا
و جاءت توها للحين و أقلت
سفينة عشق من يرجو الوصال و من
رأى بلحاظ عين يقينه رحلت
نعم قد ولت الأحزان و عنها رحل
أنين النفس و شعلة حرقة طفأت
بلا حدود و مهما السطر قد طال
ستدخل جنة الرحمن إن صلت
نفس المؤمن الساري بدرب هدى
ولن تهنأ برغد العيش إن ضلت
في الغاب فهد فد بانت ملامحه
تلاه ذئب عيون ذاته اتقدت
و الليث أسد و الضرغام يمشي أتى
ويدي بغمد هذا حسامها استلت
وقفزت أصعد أشجار الخميل و ما
ترى وحوش غاب الغدر قد رحلت
قد يهرب الموت من لقياهم يوما
أما الوحوش فلا من موتها هربت
و بين غصن و الغصن الذي يتلو
أوراق نبته عزمة خطرتي دلفت
أنقل القبضة الصماء في عزم
ثم استشطت من النوبات وقد قفزت
أثقال جسم أحمله و يحملني
و عيني تعجب وإني خلتها اتسعت
لأطعن الليث في فن و مقدرة
و هجمت في صد على الذئبين كم ركلت
قدمي و جالت في موج و أهواء
تردي العزائم والطاقات قد حلت
و قفزت في وجه المغير مجندلا
كيان نفسه في الويلات و كم لكمت
يداي موضع آلام تئن بهم
فما لانت يمين العدل ما كلت
من ذا يباري سباقا إلى الخير
يد من عادى نصير حقه شلت
...و...رواية رحلة بلا حدود يؤلفها الفقير إلى الله من مصر كامل حسانين...و...