الجمعة، 23 مايو 2025

كبرياء النسر/ بقلم الشاعر: سيف الدين علوي

كبرياء النسر
أبِي، أو تسمعني عبر هذا النّداء الخفيف العجولِ؟
أيا أبتي، أم بهذا الصراخ البَعيد الثقيلِ
تُجيبُ؟
أجبني أبي
كيف أبقيتني شبحا
للمكان الذي كُنتَهُ و كوّنْتَه
و بين ثقوب الفَضاءِ الذي بكَ فاض
و منك خَلا فجأةً
أنتفي في حنيني
و أصدى على نبع ذاكرتي و ألوبُ؟!

أجبني أبي
كيفَ أبقيتني عاريا دون مأوى
و أبقيتني سغِبًا دون زادٍ و سلوى
و في مُنحنَى العمر
لا أقتفي أثرًا بيّنا لخطاك
و لا أهتدي لسبيل سواك
و لا أستطيع الخطى قدُما
ولستُ - إذا راقني أن أؤوبَ- أوؤبُ؟!
أبي، أوَ ثمة فرق أكيد
أبي يا تُرى بين طينٍ هنا
و تُرابٍ هناكَ!
كلانا أبي في التُّراب
مُقيمٌ غريبُ؟!
أجبني إذنْ
كيف أبقيتني شبحا
في الفراغ أذوبُ؟!

أجبني أبي، أين صوتك اللؤلؤيّ يُدوّي
بأرجاء روحي صَدًى لغناءٍ قديمٍ
و أينَ تراتيلُ ذِكْرِ المساء
تفرّخُ أنسًا بعُشّ خَوى في دمي
و قهقهةٌ حيّةٌ حلوةٌ في الصّباحات
ذاك كان تَغاضيك عن قلقي
حينما تستزيد من السُّكَّر للفناجين
حتّى أحاصركِ بالسّؤال
كأنّي عليكَ رقيبُ:
كبُرتَ أبي !
كيفَ لا تكتفي بدخانٍ قليل
و لا ترعوي عن الشّاي في كلّ حين
و عن قهوات كثارٍ طوال النّهار
و عمّا نهاك الطّبيبُ؟
و حين أهادنك بعدها مازحا:
عاشقٌ أنت لا شكّ يا أبتي
و إلّا لَمَا كنتَ في مثل هذا التّولّع
بالشّاي و البُنّ و التّبغ
ما كنتَ ب " الكيْف" محتفيا
و ما كنت منزويا في المكان
تسرّحُ باصرتيْك
في عميق رؤاك تجوبُ!"
و كنت تجيبُ لِماما:
"لقد قلتَ حقّا، كبرتُ
و لكنّني في ختامِ المطاف أفكر
فيك و فيكم
كأنّي في الحال أنجبتُكم من جديدْ ! "
و تسرق عيناك دمعا مضيئا فريدْ !
و تمحو على عجلٍ أثرَ الانكسار الفجائيّ
يبزغ ثانية كبرياؤك نسرَ بريق
له حَوْمةٌ في الذرى و لهيبُ..
------------‐-------
-سيف الدين علوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحب الخالد// بقلم الشاعرة: همسة انين

الحب الخالد يا قلبين قد صاغَهُما قدرٌ فشُدَّ الوصل رغم البعد الأليم مسافات تناءت صارت أفقًا وخلف الصمت صوتٌ في الصميمِ فلا عين تواسي اليوم ح...