الأربعاء، 9 يوليو 2025

قصة حلم سارة/ بقلم المبدعة: همسة انين

ق ـ ق
حلم سارة
في قلب الريف الجزائري، حيث تتراقص سنابل القمح مع كل نسمة هواء، وتغني الطيور أعذب الألحان مع كل شروق شمس، كانت تعيش سارة، فتاة في ربيعها السادس عشر، ذات عينين لامعتين تحكيان عن فضول لا ينتهي وشغف يتوق إلى ما هو أبعد من حدود قريتها الصغيرة.
لم تكن سارة كباقي الفتيات في قريتها اللواتي كن يحلمن بالزواج وتكوين أسرة وحسب. بل كان لديها حلم مختلف يراودها كل ليلة، حلم بأن تكون صحفية. كانت ترى نفسها تحمل دفترها وقلمها، تجوب القرى والمدن، تلتقي بالناس وتستمع إلى قصصهم، وتنقل صوتهم إلى العالم.
في كل مساء، بعد أن تساعد أمها في أعمال المنزل وتفرغ من واجباتها المدرسية، كانت سارة تختبئ في ركنها المفضل تحت شجرة الزيتون العتيقة، تفتح كتابها الوحيد عن تاريخ الصحافة، وتغوص في صفحاته بشغف. كانت تقرأ عن الصحفيات الرائدات اللواتي تحدين الصعاب وكسرن الحواجز، وكانت تتخيل نفسها تسير على خطاهن.
"هل هذا حلم كبير يا أمي؟" سألت سارة أمها ذات يوم، بينما كانت تساعدها في إعداد الخبز. "هل يمكن لفتاة من الريف أن تصبح صحفية؟"
ابتسمت الأم بحنان، ومسحت الطحين عن يديها: "الأحلام يا ابنتي لا تعرف مكاناً أو زماناً. المهم أن تؤمني بحلمك وتسعي لتحقيقه. طريقك قد يكون صعباً، ولكن إصرارك هو وقودك".
كلمات أمها زرعت في قلب سارة بذرة أمل. بدأت سارة تكتب قصصاً صغيرة عن حياتها في القرية، عن الجدات اللواتي يروين الحكايات القديمة، عن الفلاحين الذين يكافحون تحت أشعة الشمس الحارقة، وعن الأطفال الذين يلعبون في الحقول. كانت تكتب في دفتر صغير، تخبئه بعيداً عن أعين المتطفلين، وكأنه كنزها الثمين.
في إحدى ليالي الشتاء الباردة، استمعت سارة إلى حديث الجارات عن مشكلة نقص المياه التي بدأت تهدد محصولهم. شعرت سارة بغضب وحزن، وقررت أن تفعل شيئاً. في صباح اليوم التالي، أخذت دفترها وقلمها، وتوجهت إلى المزارعين لتسجل شهاداتهم، ثم ذهبت إلى مختار القرية لتسأله عن الإجراءات التي سيتخذها.
لم تكن سارة تدرك في تلك اللحظة أنها بدأت بالفعل أولى خطواتها نحو حلمها. فبشجاعتها وفضولها، كانت سارة قد أخذت على عاتقها أن تكون صوت قريتها. ورغم أن طريقها كان لا يزال طويلاً ومليئاً بالتحديات، إلا أن الشرارة الأولى كانت قد أُشعلت، وباتت سارة تعلم أن حلمها ليس مجرد حلم، بل هو مستقبل ينتظرها.

بقلمي /همسة انين /الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصة حلم سارة/ بقلم المبدعة: همسة انين

ق ـ ق حلم سارة في قلب الريف الجزائري، حيث تتراقص سنابل القمح مع كل نسمة هواء، وتغني الطيور أعذب الألحان مع كل شروق شمس، كانت تعيش سارة، فتاة...