ظللتُ سنيناً أخشى أن أمشي في شوارعنا كنتُ دوماً أغيرُ الطريق
كنتُ أخاف أن أشتمَ رائحتهُ مع الشتاء او أن أسمعَ ضحكاتهُ في المساء
كنتُ أخافُ النظر من نافذتي كي لا أرى خيالهُ ينتظرني هناك
وصدفةً أراهُ لم أعرف كيفَ أخبئ نفسي من اللقاء
بتُ أرتبُ كلماتي وكأنني لم أتكلمُ معهُ يوماً
تسارعت نبضاتُ قلبي واشتعلَ الحنينُ و الاشتياق وكأنهم على اتفاق كانتْ خطواتنا تقتربُ وتتقلصُ المسافة بيننا لكنني كنتُ خائفةٌ حينَ أنظرُ الى عينيهِ الا أجدُ نفسي فيها أرى أنَّ غيري قد احتلها لم يخيلُ
لي يوماً بأنني أذا رأيتهُ سأتبعثرُ كلَّ تلكَ البعثرة سيتملكني كلُّ ذلكَ الخوفِ ويهيمنُ عليَّ التوتر كانت مسافةٌ قليلة تفصلنا ظننتُها عمراً وربما لم تكن قدماي تتحرك ربما أنا من ظننتُ هذا فرهبةُ اللقاءِ بعدَ سنينُ الفراق جعلتني أخدرُ في مكاني نظرنا لعيني بعضنا تأملنا اختلافُ ملامحنا وكأنَّ موسيقا الاشتياقِ تلفُ حولنا تنهدنا معاً لكن غصَّ السلامُ في أعناقنا لا أعلمُ لما جفَّ الحرفُ وهربَ مني حتى يدي كانت تتأرجح وكأنها خائفة ان تمسكُ تلكَ اليد التي تركتها في منتصف الطريق وخطرَ لوهلةٍ على بالي كيف كان بيننا اللقاء حضنٌ ثم لمسةٌ ثم قبلةٌ تحكي قصةَ أيامِ الاشتياق والأن لقاءٌ بارداً وأيدي حائرة مترددة هل حقاً أصبحنا غريبين كل تلك السنين بعد أن كنا جسدٌ و روحٌ واحدة كنا لهيبُ حبٍّ مُشتعل كيفَ فجأةً انطفئنا كيفَ خمدتْ جمراتُ عشقنا و تحولنا لرماد وما هو سبب الفراق هل كانَ السببُ محقاً حتى افترقنا هل كان ذنباً لا يغتفر أوحقاً كيفَ افترقنا كيفَ الحال وكأن صوتهُ رنَّ في اذني وترددَ صداهُ في قلبي حينها هامسني قلبي كم مضى على سماع هذه النغمات أيا ترى هل سرقَ أحدٌهم اللحنُ منا لكن عقلي منعَ لساني من ترجمةِ كلماتِ قلبٍ ذابَ من الاشتياق ونطقَ بحرقةٍ انا بخير وانتَ كيفَ حالكَ واستنسخ منا الجواب لا أعلم لما قلبي هنا طلبَ الإذنَ بالرحيل وما نفعُ البقاءِ إذا كانَ التعبيرُ مستحيل أو ربما كان يختالُ إليهِ لقاءٌ أفضلُ بكثير اشحتُ بنظري عن عينيهِ وهممتُ بالرحيلِ لم يوقفني ولم أنتظر مضيتُ والقلبُ عادَ لأنينهِ الرنان وكأنَّ أحداً أيقظَ جرحهُ بعدَ أعوام أيا ترى هل نسانا ونسيَّ تلكَ الأيام ألمُ نزرهُ يوماً بالأحلام فهو كان زائراً لنا على الدوام شعرتُ بأننا كنا لا شيء لهُ ولم نعنيهِ أبداً وفجأةً سمعتهُ اسمي ينادي شعرتُ وكأنَّ روحي عادت مع الهواء والقلبُ تنفسَ الصعداء التفتُ وانا أختالهُ راكضاً نحوي يطلبُ البقاء ويقول مشتاق... لقد اوقعتي شالكِ أيا ترى لو كانَ فعلاً أحبني ألم يكن ليحتفظ بشيءً من رأحتي لكنهُ فعلاً نسينا جررتُ خيبتي ورائي وحملتُ قلبي المكسور وصلتُ للمنزلِ اخرجتُ كلَّ الأشياءِ كلَّ الصور التي جمعتنا رميتها احرقتها كنتُ غاضبةٌ من نفسي لما لم تنساه لما لم تتخطاه لما جعلتهُ حياً دوماً في ذاكرتي لما جعلتُ نفسي اعيشُ معهُ كأنهُ حاضراً حتى في غيابه لما روحي أحبتْ لهذا الحد صرختُ بكيتُ وتألمتُ حتى نفذت مني طاقتي وفي لحظةِ هدوءٍ اكتشفتُ أنَّ حرقَ الصورِ لن ينسيني وجههُ فملامحهُ طبعتْ في عقلي وعيني وقلبي و صوتُ أغنياتهِ يترددُ في أذني فما نفعُ إحراقِ الصورِ والحرائقُ تشتعلُ في داخلي وليسَ هناكَ طريقةٌ لإخمادها فشلتْ كلُّ الطرق وتسكرتْ بوجهي كلُّ الأبواب جررتُ نفسي بهدوءٍ نحو السرير وضعتُ رأسي على وسادتي وجرتْ دموعي فوراً إليها تشتكي تطلبُ طبطبةٍ مواساة حاولتُ النوم لكنهُ شبهُ مستحيل طرقٌ على البابِ من يا ترى فتحتُ الباب وكانَ هو ضحكتُ على نفسي ظناً مني أنني جننتُ وبدأتُ أراهُ في كلِّ مكانٍ وإنَّ خيالهُ سيطاردني ليسَ في الحلمِ فقط بل بالواقع وفي كلِّ الأزمان لكن حين ظمني إليه وشدني الى قلبه ظننتُ أنني في أعلى مراحلِ الهلوسة وكلُّ ما كنتُ احلمُ بهِ استحضرهُ بخيالي طبعَ قبلتهُ على خدي اشتمَ رائحةُ شعري لمسَ بيديهِ وجهي وصرخَ لقد اشتقتُ اليكِ كثيراً وشالكِ اليوم لم يسقط انا من سحبهُ بهدوء كنتُ اريدُ حجةً للبقاءِ لكن لم استطع أن اقولَ لكِ لا ترحلي فأنا خجلٌ من نفسي لما فعلتهُ في الماضي لكنني والله لم أنسى فحبكِ لا يمكن أن ينسى وأمرأةٌ مثلكِ لا يليقُ بها النسيان بل مكانها في القلب يبقى حتى الموت وحتى تغلقُ الأجفان هل انتَ حقيقةٌ إذاً أم أنني أحلمُ أحلام اليقظة فليست هذه المرةُ الأولى التي أراكَ بها أمامي كنتُ احلمُ أنكَ تمشي خلفي في الطريقِ و تنظرُ إلي من وراءِ تلكَ الشجرة وتتبعني حينَ ازورُ الشوارعِ التي جمعتنا وذلك الشارع الذي شهدَ حُبنا كنتُ دوماً أجدُ وردةً على مقعدنا وأقولُ لنفسي ربما نسيها أحدُ العشاق لم تكن تلكَ أحلام بل كنتُ بجانبكِ دوماً لم أرحلُ لأي مكان كنتُ أنظرُ اليكِ من بعيد وأرافقكِ في كلِّ مكان كان صعباً علي الأ أرى تلكَ العينان وكنتُ اضعُ وردةً على مقعدنا لكي تذكريني دوماً وهل تظنُّ إنَّ القلبُ قادراً على النسيان مهما حاول عقلي منعهُ عن حبكَ ظلَّ يرددُ تراتيلُ عشقكَ و يسبحُ اسمكَ في كلِّ مكان ارجوكَ فلتكن هذه الاشياءُ كلها حقيقة لا أريد أن استيقظُ حتى لو كانت أحلام دعني أعيشُ في الخيالِ والقلبُ يضحك ركعَ قلبي يصلي ألا تنتهي تلكَ اللحظات وألا تختفي تلكَ الكلمات انهيتُ صلاتي وكنتُ التفتُ لبابي بهدوء كنتُ خائفةً ألا اجدهُ لكنهُ لأول مرةٍ منذُ سنينٍ بقي هنا انهُ حقيقةٌ اذاً وحبنا لم يموتْ ركضتُ اليهِ واحتضنتهُ بحبٍ واشتياق بحزنٍ ببكاء بصراخٍ يحكي وجعَ السنين عناقُ قلبنا كسر الصمت كنا نبكي ونضحك كنا كمن استعادَ وعيهُ بعدَ غيبوبةٍ طالتْ سنيين.
نغم الشاعر ذبيان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق