بقلم : صخر محمد حسين العزة
بعث الله الأنبياء والرُسُل مُعلمين ليعلمون الناس الكتابة والحكمة ويزكونهم ، وجعل الله العُلماء ورثة الأنبياء فنِعمَ الإرث والموروث ، فالتعليم والتدريب والتدريس رسالة سامية خصَّ الله الإنسان بها عن باقي مخلوقاته تكريماً له بالعقل من أجل إدارة شؤون الناس في الأرض التي استُخلف عليها ، والله عزَّ وجلْ علَّمَ الإنسان ما لم يعلم ، وعلَّمَ آدم الأسماء كلها ، فالرُسُل والمعلمون يتعاملون مع أشرف ما وهبه الله للإنسان –نفسهُ وعقلهُ ، ويغذيه من نتاج فكره وتجربته ، ويتطور التعليم بتطورات الحياة ، وكل أمة يكون العلم والتعليم فيها بما يتناسب مع قضايا المجتمع الذي تعيشه .
وقد ميَّز الله الإنسان عن سائر خلقه بالعقل فكان لزاماً على الإنسان أن يوسع مدارك العقل بالتفكير في بديع خلق الله ونعمه ، وامتلاك القدرة على إعمار الأرض التي استُخلِف فيها ، وقد أعطى الدين الحنيف للعلم منزلةً خاصة لا تُضاهيها أيُّ منزلة ، وحثَّ على طلب العلم النافع والإستزادة منه ، وقد كان أول أمرٍ إلهي أنزلهُ الله عزَّ وجلْ في كتابه الكريم ( إقرأ ) في سورة العلق ، قال تعالى – الآيات [1-5 ] : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5) } وكذلك الكثير من الأحاديث النبوية التي حضت على طلب العلم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن أبي هُريرة رضي الله عنه : ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّلَ الله لهُ طريقاً إلى الجنة ) وقد شرَّفَ الله العُلماء وجعلهم ورثة الأنبياء ومنارةً يُهتدى بهم ، وأكرمهم بالسمو والتمكين ، قال تعالى في سورة الزمر – الآية 9 : {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } فللعلم قداسةٌ وتعظيم يُحظى كل من ظفر بهما .
مما تقدم يجب القول أن التعليم هو أفضل طريقٍ لتهذيب سلوك الفرد ، ويساعد فيه الإنسان كي يصل إلى أهدافه وليكون قادراً على الإبداع والإبتكار ، ولا تكون نتائج التعليم على الفرد فقط بل على المجتمع بأكمله ، فالعلم هو الشعاع الذي يُنير حياة الأفراد والأمم وأساس تطورها
إن ما دفعني لكتابة هذا المقال هو ما حصل ويحصل من تغييرٍ للمناهج في دولنا العربية عامة وخاصة المُطبعة مع دولة الإحت لال الصه يوني ، وفي بلدنا الأردن أرض الحشد والرباط وتوأم فلسطين أرض الإسراء والمعراج
منذ بدايات اتفاقيات السلام بين الدول العربية والإح تلال الصه يوني ، وبعد مسيرة التطبيع مع هذا الكيان بدأت بعض الدول في تغيير مناهجها التربوية والتعليمية بما يتناسب مع المرحلة الجديدة التي في ظاهرها سلام ، ولكن في الحقيقة ما هو إلا ارتهان لواقع مرير ومؤلم من الخنوع والإستسلام .
يجب بداية أن نُقر أننا لسنا ضد التجديد والتطوير ومواكبة العصر ، ولسنا ضد الأخذ والإستفادة من مناهج وعلوم ومعرفة مما يُرسلها لنا الغرب ، ولكن علينا أن نأخذ ما يصلح لنا ونفرز الغث من السمين والصالح من الطالح ، وفي هذا العصر – عصر العولمة والمعرفة ، والتكنولوجيا يجب على التربويين وأصحاب القرار في حكومات دولنا أن يضعوا في عين الإعتبار عند إعدادهم للمناهج أن يُراعوا الهوية الثقافية لمجتمعاتنا ومراعاة حاجات المجتمع ، وربط المناهج بقضايا الأمة ونشر الوعي لدى الأجيال الناشئة وتعزيز انتمائهم لأوطانهم ولقضاياهم ودينهم ، فالتعليم له أهميته في حياة الأجيال بالأمور التالية:
أولاً : تكوين شخصية الفرد على أساس صحيح من البداية ، والبناء المنيع لا يكون منيعاً إلا بقوة أساساته التي شُيد عليها ، وكذلك حال الأمم فمنعتها وتطورها ببناء الأجيال على أُسسٍ قويمة نابعةً من قيمنا وأخلاقنا وديننا
ثانياً : لا يكون النجاح في الحياة إلا بالتحصيل العلمي
ثالثاً : نشر الوعي بمده بالمعرفة في كل مجالات الحياة
رابعاً : لا تتقدم الأمم إلا بأبنائها المبدعين والقياديين
خامساً : التعليم الجيد يؤدي إلى تحقيق العدل والمساواة بين جميع أفراد المجتمع ، والتعليم هو الأساس الصحيح لبناء وتطور أي دولة ، والقاعدة الأولى هي بناء الأفراد وتعزيز انتمائهم لوطنهم وقضايا أمتهم ، ومقدرتهم على مسايرة تطورات العصر الحديثة ومواجهة التحديات والصعوبات
من هنا نقول إن قوة الأمم وعنوان نهضتها وتطورها ومنعتها لا يكون إلا بإنشاء جيل متسلحٌ بالإيمان ومؤمن بقضايا أمته ، وعلى إستعداد أن يبذل الغالي والنفيس من أجل وطنه ، وهذا لا يكون إلا بالإعداد والتمكين ، وكل هذا يكون على عاتق أصحاب القرار الذين تتمثل مهمتهم بتنشئة هذه الأجيال وإعدادها لما هو قادم وما يتربص في أمتنا من أخطار تحدق بها ، فهم أمانة في رقابهم ، فبعد طو فان الأق صى ازدادت الهجمة على الأمة ، وكشر العدو عن أنيابه مدعوماً بدول الغرب ، وأصبح يُصرحُ علناً عن أهدافه في التوسع وإنشاء إسر ائيل الكبرى .
فالسؤال الذي يجب على كل مسؤول أن يسأله : ماذا أعددنا لمواجهة ذلك الخطر الذي يتربص بالأمة ، ونحن بهذه الحال من ضعفٍ وهوان ؟ وللإجابة على هذا السؤال يجب علينا أن نأخذ العبر من تاريخنا ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن هاجر من مكة إلى المدينة المنورة ، بعد أن قضى ثلاثة عشر سنة مُستضعفاً ، وبذلك لا يمكن له أن ينشر الإسلام ، أو أن يؤدي فريضة الج هاد ، فهاجر إلى المدينة ، وأسس المجتمع المسلم ، وبه تم فتح مكة على يديه ، وتم إكمال بناء دولة الإسلام ، ومن المدينة المنورة انطلقت السرايا والبعوث مبشرة بالدين الإسلامي الحنيف ، وبدأت الفتوحات تتوالى ، وعلى نفس النهج تبعته دول الخلافة من الخلفاء الراشدين ، إلى الأمويين والعباسيين وغيرهم ، ونشروا العلم والتطور والحضارة والعدالة في كل أرض فتحوها ، وكانت الأمة الإسلامية بين مدٍ وجزر فتارة تضمحل وتضعف وتارة تعود قوية منيعة ، وذلك بأن يبعث لها من يجدد منعتها وقوتها ، فالله عزَّ وجلْ لا يترك الأمة بلا رحمة ، فيبعث كل مائة سنة من يجدد فيها ، ويبعث روح المنعة والقوة متسلحاً بدين الله العلي القدير ،ومثال على ذلك سيف الدين قطز الذي دحر التتار وكسر شوكتهم بعد أن طغوا في الأرض وعاثوا فيها فساداً من قتل وتدمير ، فكانت نهايتهم في معركة اليرموك وتخليص الأمة من شرورهم ، ولم يكن ذلك ليكون لقطز لولا الإعداد والتجهيز وبمساعدة شيخ الإسلام وسلطان العلماء العز بن عبد السلام الذي حرَّض الناس على ملاقاة التتار وكذلك حث الناس على قتال الصليبيين أيضاً
وكذلك الحال مع القائد صلاح الدين الأيوبي الذي دحر الصليبيين وفتح بيت المقدس ، ولكن لم تكن معركة حطين التي تحقق فيها النصر وليدة ساعتها ، بل سبقها توحيد الأمة ، وإعدادها وتجهيزها لمواجهة هؤلاء الغزاة المارقين ، ويوجد قصة معروفة عن حرصه في الإعداد وتجهيز الأمة حيث أنه كان يتفقد أحوال جنده ليلاً ، فوجد خيمة بها عددٌ من الجنود يقرؤون كتاب الله ويقومون الليل ، فسجَّل له التاريخ هذه القولة :" من هنا يأتي النصر" ومر بعد ذلك على خيمة أخرى فوجدها نائمة ، فقال :"من هنا تأتي الهزيمة"
بعد كل ذلك علينا أن ندخل إلى صلب موضوعنا وهو تغيير المناهج ، ومن المستفيد من الحذف والتعديل ، والإعتماد على مناهج دخيلة علينا ؟ هل ينقص أمتنا كفاءات علمية وثقافية وتربوية تكون قادرة على وضع أعظم وأحسن المناهج ؟
أعود وأقول كما قلت في البداية نحن لسنا ضد التغيير ، ولا ضد التطوير بما يتواكب مع مستجدات تتناسب مع ثورة العصر العلمية والتكنولوجية ، ولا ضد الإستفادة من مناهج تأتينا من دولٍ أخرى لها الخبرة في مجال التربية والتعليم ، ولكن على أن لا يكون ذلك على حساب موروثنا وعقيدتنا وعاداتنا وتقاليدنا ، وأن نأخذ منها ما يتناسب مع ثقافتنا وديننا وقيمنا .
إن ما تم من تغيير في المناهج لا يخدم إلا أعداء هذه الأمة ، فلو نظرنا إلى مدارس العدو وما يدرسونه للجيل الناشئ وخاصة جيل الأطفال فهم يدرسونهم كل شيء يحُضُّ على الكراهية والعداء لأمتنا ، وذلك بالإضافة إلى تدريبهم على السلاح ، فأين نحن ، أمام كل هذا ، قد يقول قائل هذا حديث متطرف ومحرض على الإرهاب ، ولكن نحن نقول نحن لسنا ضد إليه ود كديانة ، ولكن ضد الصه يونية التي ما أتت وما زُرعت في فلسطين وطرد شعبها الأصيل إلا من أجل تفتيت الأمة وعدم توحدها والهدف من أجل إنشاء دولتهم المزعومة من النيل إلى الفرات .
بداية قبل أن نخوض في موضوع المناهج ، يجب علينا أن نتعرف على المراحل التربوية التي يمر فيها الطلبة منذ دخولهم المدارس وإلى تخرجهم من الجامعات ، وما أهمية كل مرحلة تعليمية :
أولاً : مرحلة رياض الأطفال : هذه المرحلة تبدأ من أعمار تتراوح من سنة ولغاية خمس سنوات وهي مرحلة مهمة فيها تحقيق قدرة الطفل على التعبير الشفوي والكتابي بأسلوب صحيح وكذلك تنمية الثقة بالنفس للطفل ، وتنمية المهارات المختلفة لدى الطفل ، وتطوير قدراته الإجتماعية ومساعدته على الإندماج مع أقرانه ، وهذه الصفات تُسهل الدخول به في المرحلة اللاحقة ( المرحلة الإبتدائية )
ثانياً : المرحلة الإبتدائية : وهي المرحلة الأولى ومن أهم المراحل التعليمية وتبدأ من الصف الأول وحتى الصف السادس وهذه مرحلة مهمة لأنها مرحلة بناء وإنشاء للطالب ، وتكوين لشخصيته وبناء الثقة بالنفس ، وكيفية التعاون والتفاهم مع الآخرين من زملائه ومعلميه وكذلك تنمية المهارات والقدرات لديه ، وبناء القاعدة المعرفية لمواجهة التحديات الدراسية في المراحل اللاحقة ، ويجب فيها عدم إرهاق الطالب بالدروس والواجبات الطويلة
ثالثاً : المرحلة الإعدادية أو المرحلة المتوسطة : وهي مرحلة الإعداد والتهيئة وهي مرحلة مهمة يجب أن تدار بكفاءة عالية ، لأنها تُعد الطالب إلى ما يريده في حياته الشخصية والمهنية ، وهي استكمالاً للمرحلة الإبتدائية ولكن بشكل أعمق وأكثر توسعاً ، وفيها يجب تعزيز انتمائه لوطنه ولقضايا مجتمعه
رابعاً : المرحلة الثانوية : وهذه المرحلة التي تحدد مسار الطالب وهي مرحلة يجب فيها تعريف الطالب بكل المجالات الأكاديمية ، وأن يتم فيها تعزيز التفكير والقدرة على حل المشكلات ، وهي المرحلة التي تؤهله للإنتقال إلى التعليم العالي – إلى الدراسة الجامعية ، وما الخيارات التي ستساعده للوصول إلى ما يريده في المستقبل وترسم له معالم الطريق
خامساً : المرحلة الجامعية : وهذه المرحلة هي مرحلة التهيئة للدخول في خضم الحياة بما اختاره من هدف له للمستقبل ، وهذه المرحلة يجب أن يكون فيها التعليم ذو فائدة علمية ونظام علمي متطور يتواكب مع متطلبات العصر الحديث لكي تسهل للطالب الطريق الذي اختاره ، وفي هذه المرحلة تنمي قدرات الطالب على البحث العلمي والتفكير والإبداع وإيجاد حلول للمشاكل
إنَّ ما رغبت في طرحه في مقالي هذا حول التعليم وما يتعلق بأجيالنا التي هي أمانة في رقاب أصحاب القرار من تربويين وغيرهم ، لأن هذه الأجيال هم أمل الأمة وهم بناتها وحُماتُها ، وليس الأمر مُتعلقاً بالمناهج فقط بل بتراجع مستوى التعليم وكان نتاجه طلبة ذوي مستوى متدنٍ ، وقد كتبت سابقاً مقالاً بذلك حول جاهلية المتعلمين وأمية المتعلمين وضحالة ثقافتهم وتعليمهم وهذا الخلل سببه أصحاب القرار من الخبراء والتربويين ، فهذه الأجيال مسؤولية وأمانة في عنق دولهم ، فإذا فسدوا كان الدمار والهلاك للأمة ، فما يدور الآن حول تغيير المناهج والتي تم البدء فيها قبل ذلك منذ مسيرة التطبيع ، منذ عام 2016م وحتى عام 2023م ، وما تم فيه من تغيير لا يتناسب مع ما تواجهه أمتنا من شرٍ مستطير يتربص بها من كل جانب ، وأذكر بعض التغييرات التي حصلت في المناهج ، إستقيتها من خلال متابعتي لما ينشر في وسائل التواصل من تربويين ونواب ، وعلماء دين ، وهذا ليس مقصوراً على بلدنا الأردن بل أيضاً في دول عربية أخرى ، وخاصة التي طبَّعت مع هذا الكيان ، والحجة في ذلك من أجل مكافحة التطرف في المجتمعات ، فصفة التطرف التي يصفونها ويلصقونها بالإسلام ، فالإسلام منها براء ، وما التنظيمات التي خرجت تحت مسميات كثيرة من داعش وقاعدة وغير ذلك كلها حركات تبين حقيقتها وإن الإسلام براءٌ منها وباعتراف من أنشأها من الغرب ، فرسالة الإسلام رسالة سلام وعدلٍ وتسامح ، وما كان للدول السابقة أن تسود العالم إلا برسالة الإسلام السامية ، والتطرف الذي يتقولون إن كان موجوداً فهو موجود إن كان في الإسلام أو المسيحية أو إليه ودية ، والكل يجب أن يكون ضد ذلك ، فما يقدمه الغرب من برامج لتغيير المناهج ما هي إلا برامج لتغيير الوعي وسلخ الأجيال عن قيمها وموروثها ودينها ، وشاهدٌ على ذلك التغييرات في المناهج في بعض الدول العربية ، نورد منها الآتي :
أولاً : إدخال مادة الفن والموسيقى : إدخال مادة الفن والموسيقى في المنهاج الأردني : نحن لسنا ضد الفن أو الموسيقى ، وهوجزء أصيل من التراث الأردني ، ولكن إدخاله في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة ، هذه هي نقطة الخلاف ، وكان يمكن أن تضاف كنشاط مدرسي ، كالرحلات المدرسية ، ولكن لماذا تكون في المرحلة الإبتدائية ، كان يفترض أن تكون في المراحل المتقدمة كالإعدادية مثلاً ، فهذه المرحلة مرحلة حرجة ومهمة لأن الطفل يكون كالصفحة البيضاء ترسخ فيها كل ما يُلقن أو يُدرسُ له فبهذه المرحلة بحاجة إلى تعزيز الإنتماء للوطن وترسيخ قيمنا في عقل وذهن الطفل ، وليس تعليمه التطبيل والتزمير ( والدُم – دُم – تك ) بل يجب تعليمه حب الوطن والإنتماء إليه ، فأين مغناة :
(موطني الجلالُ والجمالُ السَناءُ وَالبَهاءُ في رُباك ) أو (هب جنة الخُلد اليمن لا شيء يعدل الوطن )
ثانياً : حذف آيات من القرآن الكريم : في دراسة أجراها أحد المختصين في مركز دراسات الأمة ، وقد لخص عمليات الحذف في كتاب ( ملخص دراسات المناهج الأردنية منذ عام 2016م-2023م ، فقد تبين حذف ما يقارب(2817 ) آية ، وذلك ما يعادل أربعة عشر جزء ، وكل هذه الآيات تحض على الجهاد ، أو ذكر اليهود ، بالإضافة إلى اختصار عدد الصحابة ، وكذلك حذف بعض الأحاديث النبوية ، وحذف محتويات كثيرة تتعلق بالج هاد والمق اومة والإح تلال ، ومن الأخطاء التي لا تُغتفر في كتاب يتحدث فيه عن الإيمان بالكتب السماوية ، يُذكر فيه أن كتاب الزبور قد نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فأين لجان الإشراف والتدقيق على المناهج من هذا الخطأ الفاحش ، وفي أيِّ دولة كان مصدر هذا الكتاب إن كانت الأردن أو غيرها من الدولة العربية؟!!
ثالثاً : إختصار الحديث عن الصحابة بعدد محدود : تم تخفيض عدد الصحابة من خمسة وأربعين صحابياً إلى ثلاثة عشر صحابياً فقط ، وقد نوهت إلى ذلك النائب هدى العتوم في لقاء مع إحدى القنوات الإخبارية
رابعاً : إلغاء مادة القضية الفلسطينية : تم إلغاء القضية الفلسطينية وهي القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية ، وحتى في وكالة الغوث يُحاسب من يتكلم عن القضية الفلسطينية ، سبب ذلك أن تمويل المناهج يتم من أمريكا وحسب المناهج التي يفرضونها هم ، والحال نفسه في الدول العربية ، فلا يُقدم التمويل إذا لم يتم تعديل المناهج حسب ما هم يريدون
خامساً : حذف صور المحجبات والإستعاضة عنهن بنساء سافرات
سادساً : الشاب محمد : في أحد مناهج الدول العربية تم ذكر إسم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم تحت مسمى ( الشاب محمد ) وذلك حول زواجه من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
وختاماً وبما تقدم أتساءل لمصلحة من يتم تشويه المناهج الدراسية وتفريغها من قيمنا وحضارتنا وديننا ، وما الهدف من تغييب الوعي وإضعاف الجيل الجديد وسلخهم عن قضايا أمتهم ، ونحن في هذه المرحلة نواجه أعتى مواجهة مع الكيان الصه يوني مدعوماً بقوى الشر الغربية على رأسها أمريكا ، وما يبثونها لها من برامج كلها معروفة ما الهدف منها وقد سبق موضوع المناهج والتعليم ، برامج تستهدف المجتمع ككل كبرامج سيداو والجندر ، وحقوق المرأة وحقوق الطفل ، والمثلية ، وغير ذلك من برامج تستهدف مجتمعاتنا ، وتستهدف ديننا ، فرسالتي إلى الخبراء وأصحاب الفكر من علماء وتربويين ، وأمتنا لا ينقصها من المبدعين وأصحاب الأفكار النيرة نستعيض عن اللجوء إلى برامج الغرب المسمومة ، فما أهدافهم إلا إسقاط أمتنا ، والسقوط يكون بإسقاط القدوات ألمتمثلة بالأسرة والمعلمين ، والعلماء فهم على أعتاقهم تقوم نشأة الجيل الجديد الذين يقع على كاهلهم بناء الأوطان وتطورها ، فمطلبي بإبتكار منهاج عربيٍ موحد يتماشى مع قضايا أمتنا وديننا ، والتطور الحضاري ، وبالتركيز فيه على الأمور التالية :
أولاً : التعريف بتاريخ الأمة بحاضرها وماضيها ، وبرجالاتها الذين كان لهم الفضل في إعلاء شأن أمتنا
ثانياً : التعريف بعلماء الأمة الذين كانوا لهم الفضل في التطور ونشر العلوم في العالم ، ودول الغرب يعترفون بذلك ، ولا تزال كتبهم هي المرجع لهم
ثالثاً : تعزيز رسالة الإسلام في أبناء الأمة وذلك بتخصيص مناهج تُدرسُ فيها أصول القرآن من تجويد وتفسير وتدبر ، وكذلك الأحاديث النبوية
رابعاً : تبني الطلبة المبدعين ودعمهم بكل السُبل ، حتى لا يفكروا بالهجرة وترك أوطانهم ، فكم من العلماء تركوا أوطانهم ، لأنهم لم يجدوا الفرصة لهم في بلادهم
خامساً : مواكبة التطور في العالم ومتابعة كل شيء حديث
خلاصة القول نتمنى لأمتنا العزة والرفعة ، وأن تتخلص من القيود المفروضة عليها ، حتى يكون أكلنا وملسبنا وصناعتنا صنع أيدينا ، ولا نكون أداة طيعة في أيدي الغرب الذين لا يرون فينا إلا بقرة حلوب ، يسرقون خيراتنا ، وعقول أبنائنا ، فالأمة لا ينقصها من مالٍ أو ثروات أو خبرات ، ولكن ينقصها قيادات تدير الأوطان باقتدار وتوجهها بالمسار الصحيح ، فنحن قوة لا يستهان بها إن توحدنا وتظافرت الجهود لنكون في مقدمة الأمم فديننا واحد ولغتنا واحدة ، وعاداتنا وتقاليدنا واحدة ، ولهذا نحن مستهدفون ، فنحن خير أمة أُخرجت للناس ، قال تعالى في سورة آل عمران : {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }فعلينا أن نكون على قدر التكريم الإلهي لنا ، بنُصرة ديننا ، ووحدتنا ، والتخلص من تركة سايكس بيكو التي قيدتنا وجعلتنا مرتهنين لهم ونحن أعزَّ وأكرم أمة ، ولله در الشاعرة نوال مهنى في قصيدتها التي تحث الأمة على النهوض من كبوتها إذ قالت :
أُمتي يا خير أُمة انهضي عزماً وهِمَّه
رُغم جُرحٍ ومُلمِه والخُطوب المُدلهمة
اخلعي ثوب السُبات واجمعي شمل الشتات
واجعلي بعث الحياة في خلاياك مُهمه
انفري إن الجهاد خيرُ بابِ خيرُ زاد
وانصري ربَّ العباد تنمحي بالنور ظُلمه
ها هُمُ الأعداء حولك يُنكرون اليوم فضلك
همُّهم إذلال أهلك دونَ حقًّ دونَ حِكمة
وحِّدي أهداف شعبك واسلكي الإصلاح دربك
واجعلي الإخلاص دأبك بددي ياساً وغُمَّه
دينُنا حِصنُ الأمان وبه سُدنا الزمان
كم سمونا للعنان واعتلينا كُلَّ قِمَّه
أُنفضي عنكِ الغُبارا وارفعي العِلم شعارا
حطِّمي قيداً ، حِصارا واصدقي فِعلاً وكلِمه
صخر محمد حسين العزة
عمان – الأردن
25/9/2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق