في قصيدة « حصــــــار و دمار»
للأستاذ : المانع بوربيـ؏
طاف الخــــــــيال ..خيال روعة مقبل
و الــــــــناس حولي في حشود تهلهل
هــــــــذا يصـــــــاحب دمية و خلــيلة
و الآخـــــــر المحــــــزون لا يـتـــقبل
ورد و ريحــــــــــــــان على ألـــوانه
بيـــــــن القلـــــــوب محبة و تفـــضل
يهدي على حب ڪــــــــسته خديعـة
في عــــيدها مغـــــــشوشة لا تعــقل
الأم مدرســـــة و منــــهال التّــــقى
و منهـــاج أخــــــــلاق تصون و تجبل
يا ويــــــــح أمتنا إذا هي قــــد هوت
السوس ينخر ضرس من له يهـــــــمل
عيـــــــن الأعــــــادي لا تنام أخالـــها
قـــمرا تجـــــــول على رؤوسنا تتسلل
هــــــــــمّ الأعادي إنــــحراف شبابنـا
شـــــــــــــــهد القذارة ضربة قد تقتل
ما قيمة الإنســـــــان إن ضاعت شمـا..
ـئــــــــله جروح العــــــار قد لا تدمـل
ما حــــــــــرم الله عليــــنا شــــــــيّة
إلا و ڪانت وابــــــــلا قـــــد يهطل
لا حـــــــزن إن ڪــــانت هنالك توبة
لڪـــن حديـــــث الناس جرح مثـقل
يا أيتـــــــــــها العصماء ڪوني حـرة
بيـــــــن الحـــــــرائر وردة لا تذبــــل
يــــــا أيـــــــتها العذراء ڪوني درة
بيـــــــن الجواهر لؤلــــــــؤا لا يهجل
طيب العفاف يفوح دوما في السـما
تجــــري به ريـــــــح الصبا و تهرول
يــــــــا خوف قلبي إن تغاضى أهلنا
و استـــــفحل العار المعيب المخذل
بـــــين الشباب و قد غزت أمواجه
ديـــــــار قوم في الحمى يتـــسلل
لا غــــــــرو أن الفــــلك تغرقه يـد
المــــــــــوج في قاع عميق يدخـل
ما بــــــــال ولاة الأمور تجـاهـــلوا
أم فــــــي السياسة جبهة لا تقـــبل
ذل الــــمهانة صار ألفة بيـن الورى
و العـــار عشش في البيوت مدلـل
يـــــا لائمي في قـــــولة قد قلتــها
هـــــــل أزعجتك حقيقة لا تـــأفل
ما ضـــــــرك القول الذي قد عبته
لڪـــن أصابتــك الخساسة و الغلو
ڪــأس الهوى يروي غليل صبــابة
و العشق في بحر الضلالة يـــــؤمل
صن عرض أهلك و اتقي رب السما
إن العـــــــــفاف مڪارم لا ترحل
أي نص أدبي مهما ڪـــان نوعه تفتح لنا لغته عدة أبواب؛ فمنحدرات اللغة في النص الهادف تـرمي بنا في بيوت المشاڪل المختلفة التي يعاني منها المجتمع العربي عامة؛
و مرتفعاتها الشاهقة تجبرنا على التأمل.
و عند لقائنا بنوع محدد من الأدب و هو الشعر تعـــقد أحاسيسنا جلسة تشاور
و صلح مع عقلنا
-و ليس ڪل ما يُنشر اليوم شعر مع احترامي-
نلتقــــي بقصيد يفتـح لنا ذراعيه يثير فينا الــــدهشة، دهشة تدفعنا إلى معانقة ڪل حرف و الجلوس شطرا إلى شطر مع الحقيقة على شرفة الإبـــداع؛ نرتشف وجه الواقع المُعتصَر.
الشعر العربي غني بالمواضيع المتنوعة التي تعالج مشاڪل المجتمع
فنظرة العربي ليست ڪنظرة الإنسان الغربي
و نظرة المسلم تختلف عن نظرة المسيحي،
بل نظرة الإخوة قد تختلف أيضا
و بما أن الاختلاف رحمة فإن التوافق أيضا ألـــــفة
نصادف مشڪلة واحدة لڪن طرائق العلاج تختلف من شخص إلى آخر.
اختلاف الرّؤى يجعلنا ننفتح على العالم لڪن بعقلانية
فليس ڪل قديم منبوذ و ليس ڪل محدث مرغوب ، و من هنا سوف أعرض عليڪم في
هذه الدراسة نظرتي لقصيد وقع بين يدي
ڪتبه الشاعر الجزائري ابن مدينة عنابة الأستاذ: المانع بوربيع على هامش الاحتفال
بما يسمّونه « عيد المرأة» عام 2021
هذا العيد ما هو إلا أحد الأساليب الغربية المُضَلِّلة، فلماذا همّـــــشنا و أهملنا دور المرأة في البناء حتى هدمها الغرب بشعار التحرر
و احسنوا له النداء؟
تڪرموا عليها
بيوم من زمن... في عمر و هي الآن تحتضر
..و أين سيقام العزاء؟!
هو يوم تجريح و ليس يوم تڪريم و تعظيم
لدور المرأة في بناء المجتمع.
هذا ما أڪّدته هذه القصيدة الڪاملة التي رست على شاطىء البحر الڪامل
فاستمتعنا ببنائــــها وغنمنا من حمولتها.
«حصار ودمار»
عنوان يتألّف من ڪلمتين نڪرتين
لو عٕـرّفتا لــــحُصِرتا في ظاهر؛
نتأملهما قليلا
حصار تتألّف من حروف مهموسة و هي: الحاء و الصّاد و حرف مجهور الرّاء و هو في المرتبة الخامسة؛ شديد القوة إيقاعه غضب و حسرة و حزن.
الڪلــــمة الثانية دمار ڪلــــــها حروف مجهورة و هذا يترجم لنـــا نفسية الشاعر وقت الڪــــــتابة و قبلهــا (عاطفة صادقة قوية)
فالشاعر بدأ بڪلمة حصار أي فڪرة بقلبه
و حسرة في عقله و غضب تملّڪه فوجب إخراج ڪل هذه الصراعات ليلتقطها عقلٌ مُــصْغٍ
/حروف جهورية توحي بالغضب و التعب /.
- افتتح الشّــّاعر قصيــــده بتصوير أدبي فنّــي لمشهد الاحتفال بعيد المرأة فقال:«طاف الخيال ..خيال روعة.. لا تعقل»
و «روعة» هنا هي ڪل امرأة لا ذات.
مُقدِّمة بأسلوب خبري فيه توڪيد لفظـي
زاد في تقوية المعنى وتثبيته في ذهن القارىء
فالشاعر قال ما هو واقع حق، مثبتا ڪلامه بالأفعال المضارعة التي وظفها في مجمل قصيده.
يڪمل الشاعر بنفس الأسلوب الخبري
الممزوج بالإنشاء المحقق بالنداء (يا ويح).
«الأم مدرسة ...»
يذڪرنا الشاعر بأهمية دور المرأة في بناء المجتمع-المرأة يقال هي نصف المجتنع
و أقـــــول أنها بأخلاقها الطَّيبة ڪل المجتمع-.
«ما قيمة الإنسان إن ضاعت شمائله»
الشاعر هنا لا يحڪم على المجتمع فقد ذڪر التوبة؛ تسليما منه بأمـر الله فهـو من يحاسب و يهدي من يشاء
لڪنه يقف عند نظرة المجتمع الذي لا يرحم فالمذنب في مجتمعاتنا لا نغفر له حتى بعد توبته و نعيــّره بذنبه حتى بعد وفاته
«جرح مثقل»
تحذير وتذڪير بعواقب الانحلال الأخلاقي.
ثم يخفض الشاعر جناح الود و ينادي بڪل محبة و خوف على المرأة
فاستعان
بــــالأسلوب الإنــشائي الطّــــلبي
يا أيتها
منادى أبعدته' اليــــــــاء' قرّبـــــــته' أي..'
و هو الأنسب للفت انتباه القــــارىء أن قوله الآتي عظيــﻤ و ڪلامه حڪيـــﻤ،
فالمرأة ذات الأخلاق الحسنة ڪما وصفها الشاعر وردة لن تذبل.
الشاعر يحڪي لنا واقعا مــرا؛
فڪلما خط عِبارات تشڪلت على رأس حرفه ديمــــــة تهطل عَبرات خوفِ و حسرات جوف.
نحس أن ضربات قلب الشاعر تتسارع لترشد الأعمى و تنهيداته تتسارع لتُبلِّـــــغ الأصم
نشعر بتلك الرجفة في يد الشاعر التي وضعها على صدره وهو يقول : يا خوف قلبي إن تغاضى أهلنا
يشير الشاعر بعد دور المرأة إلى مساهمة ڪل الأهل و لفظ ـ الأهل ـ يقصد بها مجتمعاتنا
فوجب على الجميع الانتباه: أن بعد المرأة العدوُّ يستهدف فئة الشباب و يا ويل أمة ڪان عدوها في بطنهـــــــا.
ينبه الشاعر بأسلوب ذڪي إلى أن العدو الداخلي أبـــشع و أخطر من العدو الخارجي ألف مرة.
لم يغفل الشاعر عن ذڪر سبب مهم آخر ساهــــﻤ في وصول مجتمعاتنا إلى هذا الوضع وهو صمت ولاّة أمرنا
«مابال ولاة الأمور تجاهلوا
أم في السياسة جبهة لا تقبل»
هنا سؤال تقريري المراد منه تثبيت الجواب
لا البحث عنه؛ فهو ينتظر اعترافا صريحا من مسؤولين بلا مسؤولية عن حال.
قال الشاعر قوله و هو متأڪد أن الأهل يساهمون بصمت في الـــــدّمار
و هنا ينطبق القول« السڪوت علامة الرضا» وشتان بين الصمت والسڪوت.
بين الخبر و النداء أبرز لنا الشاعر ألوانا مدروسة بذڪاء مدسوسة في ڪلمة «عيد» هلل و فرح بقدومه الغباء.
— سلبني الأسلوب بسلاسته فضِعت طوعا في جنة الألفاظ البسيطة القوية المنتقاة بعناية، البعيدة عن ڪل تعقيد؛
فالشاعر لا يحتاج للتڪلف ليبرز مهاراته
فإني أرى «الفصاحة في بيانه و البلاغة في لسانه»
فمن البيان التشبيه البليغ في « الأم مدرسة»
تم بين ڪائن هو ڪيان بحد ذاته و ڪيان يقوم على عدة أرڪان
ـ صورة أخرى جميلة جاءت لتقوية المعنى وتجسيده ڪما جسدت لنا خصوبة خيال الشاعر
يا ويح أمتنا إذا هي قد هوت
السوس ينخر ضرس من له يهمل
شبه الشاعر فساد الأخلاق بالسوس
الشاعر حذف المشبه وصرح بالمشبه به
وڪأنه يقول
إن الفساد و الانحلال والانفلات يهدم الأمة فتهوي ڪما يفعل السوس الذي ينخر الضرس حتى يتآڪل و يسقط و لن يسقط بمفرده.
يمڪن القول أنها استــعارة تصريحية لڪن ـ
المشبه ليس مفردة و إنما هو جملة من الأوصاف و المشبه به صورة ڪاملة فهي استعارة تمثيلية،
و السوس أيضا هو تلك الأفڪار المزينة لـــــشعارات ينشرها الغرب يدعون فيها إلى تحرر المرأة
صورة أخرى يد الموج
ڪناية عن قدرة تسلل العدو بأساليب مبهرة
في مجتمعاتنا والقضاء على مقوماتنا
(يد/اليد عادة يُرمـز بها للقوة/ الموج) ڪناية عن الدمار الذي يلحق بالمجتمع إن أغرق موج الفساد الشباب
حقيقة أن الأعداء منا يدمرون مجتمعاتنا بطريقة رهيبة و هذا ما جسدته أبيات الشاعر
فتارة شبه الشاعر المجتمع بالفــــم و أخرى بالسفينة.
فعلا أبيات محبوڪة بمهارة، ڪلها قصيد واحد لڪن ڪل بيت منها.. ديوان
أما عن البديع فسأختصر
فقد وقفت طويلا على خطوط رفيعة ڪقوله «شهد القذارة» و أبيات رفيعة
ڪقوله:
ذل المــهانة صار ألفة بين الورى
و العـار عشش في البيوت مدلل
و يڪفي أنها قصيدة موزونة عذبة اللحن
تطرب الفارس و ترغـﻤ الفرس على
الرقص على إيقاعها في المحافل...
ختــــﻤ الشاعر تحفته ببيت من لؤلؤ
وقد وفق إلى حد بعيد في تمرير فڪرته
و إبلاغ رسالته
فالأخــــــلاق لا تفنى ڪما يفنى العبد
شڪرا لشاعرنا الفذ
ـــــــــ01/02/2023
حروف السراب𝓑𝓸𝓾𝓶𝓮𝓭𝓳𝓸𝓾
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق