السبت، 21 أغسطس 2021

الدكتور الشاعر محمد الإدريسي// كتب// خدعة السراب

خُدْعَةُ السَّراب
إنَّ حَقِيقَةَ السَّرابِ خُدْعَةٌ لا تَدُوم
كانَتْ فُسْحَةُ الأمَلِ حَوْلَها تَحُوم
نَرى تَحْتَ الشَّمْسِ كالمِياهِ تَرُوم
فَإنَّها رِمالُ الصَّحْراءِ الَّتي تَهُوم

مِنْ بَعِيدٍ غَديرٌ إذا اِقْتَرَبْتَ فَحُوم
أهُوَ عَمَى الألْوانِ أم عَيْنُ هُمُوم
مع سَرابِ الحَياةِ اِنْقَشَعَتْ غُيُوم
الصَّدْمَةُ في اِكْتِشاف سِرٌّ مَشؤُوم

تَشْتَدُّ الهَواجِسُ و السَّرابُ خَادِع
تَذُوبُ الأحْلاَمُ زَيْفُ السَّرابِ بارِع
لا يَغُرَّنَّك طَريقُ السَّرابِ فَلَوْنُه فاقِع
إنَّ شَهْوَتَهُ شَهْوَةُ مُراهَقَةِ شابٍّ يافِع

مِنْ وَراءِ شُعاعِ الشَّمْسِ سَرابٌ قَابِع
يَتَرَبَّصُ بِظَمْآنٍ و مِنْ مُتَوَهِّمٍ جائِع
مَنِ اِتَّبَعَ هَوَى السَّرابِ اِمْرُؤٌ خانِع
كَمَنْ يَعِيشُ حَياتَهُ لِلأوْهام خاضِع

لِنَنْظُرْ بِعَيْنِ الحَقيقَةِ لِنُبْعِدَ السَّراب
لِنَلْبِسَ رِداءَ الواقِعِ لِنُمَزِّقَ الضَّباب
سَتَرْحَلُ الأضغاثُ لِيَبْقى الصَّواب
جَيْشُ الأوْهامِ ضَيَّعَ خِيرَةَ الشَّباب

ألَمْ تَرَوا أنَّ مَع السَّراب أتى الخَراب
كَيْفَ تَكْتَمِلُ الحَياةُ مَع الاضْطِراب
كَيْفَ تَطِلُّ الشَّمْسُ أخْفَتْها السَّحاب
لِنَتَأَكَّدْ أنَّ كُلَّ مَنْ حَوْلنا هُمُ الأحْباب

كَكُلَّ البَشَرِ الطَّماعِ لا يَقْرأ الأسْبَاب
تَجُرُّهُ الأوْهامُ ما التَّخَيُّلُ إلاَّ الغِيَاب
عَنْ عَيْنِ الحَقيقَةِ و دُروسِ الكِتَاب
كَمَنْ قَلَّدَ الحَمامَةَ في قِصَّة الغُرَاب

مَنْ أَسَرَهُ السَّرابُ التَّمَرُّدُ عَلَيْهِ صَعْب
و كَأنَّ بَيْنَ ثناياهُ رَغْدُ العَيْشِ عَذْب
في الواقِع أرْضٌ رَخْوَةٌ كَحُلْمٍ رَحْب
نَسْتَفِيقُ مِنْهَ عِنْدَ رَجَّةِ الدَّهْرِ لا رَيْب
طنجة 09/08/2021
د. محمد الإدريسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أنت المنى/ بقلم الشاعرة: همسة انين

أنت المنى يا من شكا البعد والأشواق والألم ألا تعلم أن قلبي عليك قد حكما؟ روحي لديك فكيف تشكو جفاء؟ وقلبي بقلبك طول العمر قد التحما. إن الحبا...